فإن قيل: فأي فائدة في تكرير القصص فيه، والأنباء؟
قيل: لذلك فوائد:
منها: أن يقول المعاند، والجاحد: كيف أعارض مثلاً قصة موسى.
وقد سردتها، وأوردتها على أفصح القول، وأحسنه، وسبقت إلى ذلك.
فلم يبق لي طريق إلى المعارضة؟
فيقال له: ها هى قد جاءت في القرآن العزيز على أنحاء ومبانٍ فائت بها أنت، ولو على بناء واحد.
ومنها: أنهم لَمَّا عجزوا عن الإتيان بسورة مثله أتاهم بسور مماثلة في
المعنى، والنظم، والقصة؛ وذلك أنْكى لقلوبهم.
ومنها: أن كل واحد لا يقدر على كل سورة، فجاءت هذه السور فيها
هذه القصص على قدر قوى البشر، فمن أطاق هذه حفظها، ومن لم يطق
حفظ الأخرى لينال الضعيف نحو ما نال القوي.
ومنها: أن إعادة هذه القصص المتحدة على الأنحاء المختلفة مع
التماثل في حسن النظم أبلغ في الفصاحة، وأعظم في المعجزة.
فكانت تلك المعاني كعرائس تجَلَّى في ملابس مختلفة رائقة إذا رأيت الواحدة
قلت: هذه، فإذا رأيت الأخرى قلت: بل هذه، فإذا جاءت الأخرى
قلت: لا بل هذه، حتى لا تُفَضل واحدة على أخرى.
ولا يقدر بليغ، ولا ناقد في الفصاحة على ذلك أبداً.
فإن قيل: فهل في إقامته البراهين، وإيراد الدلائل على الوحدانية
بذكر السموات والأرض، وتصريف الرياح والسحاب، وبأنه لو كان فيهما
إله آخر لفسدتا.
وعلى البعث بإنزال الماء، وإحياء الأرض بعد موتها.
وبالنشأة الأولى إلى غير ذلك إعجاز؟
قلت: الإعجاز من جهة إيراد هذه