وتلزمهم إخلاص الدين لله والبراءة من كل معبود سوى الله، أبوا أن يتكلموا بها، أبوا أن ينطقوا بها وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (?) ، وقال الله عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (?) {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (?) ، فما زال -صلى الله عليه وسلم- يدعو قومه للا إله إلا الله، ويقيم الحجج والبراهين على صحة التوحيد ووجوب إفراد الله بالعبادة، ويدحض شبه المشركين القائلين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (?) .
مكث بمكة بضع عشرة سنة مهمته الأساسية الدعوة إلى توحيد العبادة، إلى إخلاص الدين لله، إلى إزالة الشرك، إلى تثبيت العقيدة في قلوب العباد؛ لأن التوحيد هو الأساس، والأعمال كلها تابعة ومتممة له، إنما الأساس تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، إيمانا بالله، وإفرادا لله بكل أنواع العبادة، وبراءة تامة من كل معبود سوى الله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (?) ، لا بد من التوحيد، من البراءة من كل معبود سوى الله، واعتقاد أن من عبد غير الله فإنه ضال ضلالا مبينا، مهما كان قصده، ومهما كانت نيته.
[معنى شهادة أن محمدا رسول الله]
أمة الإسلام، وثاني الشهادتين اللتين هما أصل الدين وقاعدته: شهادة أن محمدا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومعناها: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع.
ومن تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله الإيمان برسالته صلى الله عليه