وترك عبادة غير الله -عز وجل- كائنا من كان، بين الله ذلك في كتابه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (?) ، وأخبر تعالى أن الحكمة من إرسال الرسل دعوة الخلق إلى عبادة الله وتحذيرهم من عبادة ما سواه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (?) .
أمة الإسلام، إن هذه الكلمة العظيمة لا يكفي أن ننطق بها باللسان، بل لا بد أن نعمل بمقتضاها وما دلت عليه علما وعملا، صدقا وإخلاصا ويقينا، فإنها كلمة عظيمة، من لقي الله بها مخلصا من قلبه دخل الجنة، ومن كانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة، ولكن لا بد من اعتقاد ما دلت عليه من نفي كل معبود سوى الله، وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له.
[بعض الأعمال المناقضة لمقتضى (لا إله إلا الله) ]
أمة الإسلام، كم من أناس يقولون: لا إله إلا الله. ولكن يأتون بما يضادها ويهدم أساسها، ويقضي على ما دلت عليه، يقولون: لا إله إلا الله. وترى منهم تعظيما لغير الله، عبادة لغير الله، صلاة لضرائح الأموات، تقريب القربان لهم، وفي الشدائد يهتفون بأسمائهم ويدعونهم من دون الله، يستغيثون بهم من دون الله، يسألون الأموات والغائبين تفريج الكربات وإزالة الهموم ورفع البلاء، وكل ذلك مناقض لمقتضى لا إله إلا الله، فإن هذه الكلمة قائلها إخلاص الدين الله.
[أول ما بدأ به النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى الله (لا إله إلا الله) ]
ولما بعث الله عبده ورسوله محمدا خاتم الأنبياء والمرسلين، ابتدأ بالدعوة إلى لا إله إلا الله، فطالب قومه العرب أن ينطقوا بها ويعملوا بمقتضاها وما دلت عليه، فلما علم القوم أن هذه الكلمة تفرض عليهم خلع كل معبود سوى الله،