فإن هذا الدين إذا عرض على القلوب السليمة كما جاء عن الله وكما دعا إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلته {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} (?) .
“ وصايا للدعاة “
دعاة الإسلام، إن الدعوة إلى الله سبيل الأنبياء والمرسلين، فلتكن دعوتكم خالصة لله، تبتغون بها وجه الله والدار الآخرة، وتريدون إنقاذ البشرية من حيرتها، تريدون هدايتها إلى منهج الله، تريدون أن تستضيء بوحي الله ونوره كما استضأتم، فادعوا إلى الله على علم وبصيرة، أخلصوا لله دعوتكم وابتغوا بها وجه الله والدار الآخرة، واسلكوا بدعوتكم منهج نبينا محمد بن عبد الله، صلوات الله وسلامه عليه، فهو أكمل الخلق دعوة وأحسنهم توجيها وإرشادا.
“ التدريج في الدعوة من أهم أسس الدعوة الناجحة “
فمن أراد لدعوته القبول فلينهج منهج النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في وضوح دعوته ووضوح مبادئه، وفي سلامتها، في منهجها ومبدئها، فإن محمدا -صلى الله عليه وسلم- بدأ بعقيدة التوحيد قبل كل شيء، فأرسى عقيدة التوحيد في النفوس، مكث بمكة بضعة عشر سنة يدعو الخلق إلى تحقيق لا إله إلا الله، إلى العلم بها والعمل بمقتضاها، ويزيل كل مظاهر الشرك، حتى إذا ثبتت العقيدة في النفوس جاءت الأوامر والنواهي، فقبلت النفوس أوامر الله وابتعدت عن مناهي الله، فتربى الرعيل الأول هذه التربية الصادقة، على هذا المنهج العظيم، فانطلقوا بعد ذلك دعاة إلى الله، فأصلح الله بهم البلاد والعباد، وأقاموا شرع الله