لكونه قائما بشرع الله، لكونه مستجيبا لله ولرسوله، يحبه محبة عميقة في قلبه، وهذه المحبة أثر من آثار الإيمان، يقول -صلى الله عليه وسلم- في ذكر السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله: «ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه (?) » ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله (?) »
فهذه المحبة الصادقة التي دعا إليها الإيمان، محبة المؤمن لأخيه – وإن نأت الديار واختلفت اللغات والألوان لكن جمعتهم أخوة الإيمان ووحدة الإسلام – هذه محبة لم تقم على أهداف مادية، ولكنها قامت على أساس العقيدة، فهي محبة باقية لا تصدع لبناها ولا انفصام لعراها، بل محبة باقية إلى أن يلتقوا في دار كرامة الله {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (?) .
“ ومن آثارها المناصرة بين المؤمنين “
ومن آثار تلكم الولاية نصر المؤمن لأخيه المؤمن، فالمؤمن ينصر أخاه ويدفع عنه ظلم الظالمين، وعدوان المعتدين، وبغي الباغين، فلا يسمح لأخيه أن تناله مظلمة من أي إنسان يقف معه حتى يدفع الظلم عنه، ويحول بين الظالم وبين أن يعتدي عليه؛ لأنه وإياه كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر (?) وهو مع هذا كله ينصره إذا حصل منه ظلم على أحد، فلا يرضى أن يظلم، ولا أن يظلم، يحجزه عن الظلم ويمنعه عن الإجرام، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما "، فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟! قال: " تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره (?) »