التي لا يكبح من جماحها إلا العلم النافع وهو العلم المستقى من كتاب الله، ومن حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الحديث الصحيح قد حرموه حينما قاموا واستعجلوا بالأمر؛ لأننا جميعاً نشترك في أن نعرف بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما نزل على قلبه أول ما نزل: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5].

لما أُمِر بهذا الأمر لم يشتغل بمحاربة المجتمع الذي يعيش فيه بالسيف والقوة، بل ولم يعمل لمحاربة المنكرات التي كانت تحيط به عليه السلام من كل جانب، من أكل أموال الناس بالربا وبالباطل، ومن تعاطي شرب الخمور ونحو ذلك، هل يعني هذا أنه هذه أمور غير منكرة؟ لا، لكنها ليس الآن أوان معالجتها بوحي من الله عز وجل أمره قبل كل شيء أن يعنى بالتوحيد، وبالصلاة التي لابد منها.

فحينما يثور بعض الناس وظناً منهم أنهم هيؤوا المجتمع الذي يعيشون فيه لتقبل دعوتهم وحكمهم، والواقع أن الأمر ليس كذلك؛ لذلك هم يلجؤون لاستعمال القوة، فيبتلون بقوة غاشمة تقضي على قوتهم، وتوقف حركة دعوتهم إلى ما شاء الله من سنين كثيرة وكثيرة.

ومع الأسف الشديد أوضح مثال لدينا: فتنة الحرم المكي حيث كانت الدعوة السلفية في أوجها وفي أعلا مجدها في الدولة السعودية؛ لأنها أقرب الدول إلى الكتاب والسنة، كانت الدعوة السلفية هناك منطلقة بكل حرية لا مثل لها في الدول الأخرى مجرد أن قامت هذه الثورة المخالفة للشرع انقلبت الدعوة رأساً على عقب، وكبتت فلا تسمع هناك دعوة صريحة إلا ما شاء الله في حدود كلمات يمكن أن يقولها المسلم في كل بلد، فهذا من نتائج مخالفة الحكمة السابقة: من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015