-شيخنا ... تعقيباً على قضية التدرج، نذكر ما طلبه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - من معاذ بن جبل، رضي الله عنه، حين أرسله إلى اليمن، من أن يخبر أهل اليمن بأنهم أهل كتاب؛ وعليهم أن يعملوا بالتوحيد، ثم بإقامة الصلاة، ثم بإيتاء الزكاة، واجتناب طيبات أموالهم ... على نحو من التدرج ... فهل هذا نوع من التدرج في الحكم ... أو هو شيء غير ذلك؟
الجواب: إن إجابتي عن السؤالين السابقين توحيان بأنني فهمت من التدرج الذي سئلت عنه الاختيار من الشريعة، وتقديم حكم على حكم، أو قضية على قضية ... فهذا مرفوض إذ لابد من تقديم الإسلام كلاً متكاملاً.
أما التدرج بعرض الأهم فالأهم لا في عرض الإسلام فهذا مطلوب على النحو الذي نفهمه من حديث معاذ بن جبل الذي ذكرته في السؤال. فالتدرج هنا مطلوب ومفروض، إذ لابد من تقديم الأهم فالأقل أهمية لأنك لا تستطيع أن تطبق أو تطلب العلم كله «لأن العلم إن طلبته كثير والعمر قصير عن تحصيله فقدم منه الأهم فالأهم» كما قال بعضهم ... وعلى سبيل المثال، نقول: لو أردت أن تدعو غير مسلم إلى الإسلام، فهل تدعوه مباشرةً إلى الإسلام كفكر متكامل، أو تطلب منه أن ينزع أولاً خاتم الذهب من إصبعه؟ !
الجواب واضح ... الإسلام أولاً ... ثم الجزئيات الأخرى التي لا بد من الدعوة إليها في المستقبل بعد أن يقتنع حديث العهد بالإسلام ...
والذي لا يصلي من المسلمين ... هل ننبهه إلى خطر ترك الصلاة أو نطالبه بإعفاء اللحية؟ ! ... هذا هو التدرج المطلوب ... أما غيره فمرفوض على نحو ما وضحت قبل قليل.
«حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه» (1/ 391 - 400)