والالتزام بها، ومعرفة مدى استعداد كلٍ للعمل بكل ما سيعرفه من أحكام فيلفت نظره إليه مرة بعد مرة على نحو ما جاء في حديث ابن مسعود من أنه كان يتخول الناس بالموعظة، أي أنه لم يكن يلح عليهم.

أما ما يدعيه بعضهم من ضرورة الرفق بالحديثي عهد بالإسلام أو بمن يتوجهون نحو التمسك بالشريعة وذلك بعدم تحديثهم بالأحكام القاسية كتحريم الموسيقا ... بل باستعارة أقوال بعض الصحابة المتقدمين التي تبيح ذلك ثم إسماعهم أخبار التحريم وغير ذلك مما سيفصلهم عن تاريخهم الماجن اللاهي العابث ... فهذا أمر يهدم الإسلام ويقضي عليه باسم الإسلام لأنه يفتح باب الخلافات واسعاً وبخاصة إذا ما أخذنا بعين التقدير اتساع مساحة العالم الإسلامي اليوم وتوافر أعداد كبيرة من الأعداء والخصوم، والخمرة، كمثال، فرق فيها بعض العلماء القدامى بين خمر العنب وخمر غيره، وقالوا بتحريم الأولى، وما يسكر من الثانية، وأباحوا القليل الذي لا يسكر ... وهذا موضع شائك، والبحث فيه طويل، ولكني أقول إن الأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة رسول الله تظهر هذا القول مخالفاً لها، وفي أولها آيات تحريم الخمرة، وقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام».

فلو تدرجنا مع شارب الخمرة، وسمحنا له، وهو المسلم الحديث عهد بالإسلام، باحتساء هذا القليل الإسكار، أو ما لا يسكر لكنه خمر، لخالفنا الإسلام وأوقعنا غيرنا في هذه المخالفة .. وفتحنا باب التحليل لما حرم الله أمام الآخرين من ضعاف الدين ...

لهذا نرفض أسلوب التدرج من جديد، وندعو إلى تقديم الإسلام كما هو ... ونطالب بتطبيق ما يستطاع تطبيقه على نحو ما أسلفنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015