فيهم من قال بأكثر من الخلاف الذي لا يزال قائمًا بين الحنفية والشافعية مثلاً، فالحنفي يرى أن خروج الدم من أي مكان من البدن بمقدار الألِف؛ جاوز مقدار الألِف فقد انتقض وضوؤه، بينما الشافعية يرون أنه لا ينقض الوضوء، لكن وُجِد في السلف من يرى ما يراه جمهور الصحابة وعليه إجماع الأمة فيما بعد أن الرجل إذا جامع أهله ولم ينزل لا يجب عليه الغسل؛ رأى هذا بعض الصحابة الكبار خلافًا للجمهور من الصحابة الذين يقولون بما قاله الرسول عليه السلام: «إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل أنزل أم لم ينزل»، هذا الحديث كان ناسخًا لقوله عليه السلام: «إنما الماء من الماء» فبعض الصحابة بلغهم هذا الحديث الثاني: «إنما الماء من الماء» فكان يفتي أن الرجل الذي يجامع زوجته ولم ينزل فما عليه إلا الوضوء أما الغسل فليس واجبًا عليه، لكن الصحابة قد بلغهم الحديث الآخر وهو قوله عليه السلام: «إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل أنزل أم لم ينزل»، ومع ذلك فكنتَ ترى هؤلاء يصلون وراء ذاك الذي يقول: «لا غسل عليه»، هذا يشبه كثيرًا من الاختلافات الموجودة بين المذاهب حتى اليوم، لكننا نرى الفرق الكبير بين الخلاف السلفي والخلاف الخلفي، الخلاف السلفي كان اجتهادًا وكان فكريًّا ولكنه لم يكن بدنيًّا؛ لم يكن يفرقهم، ولذلك كانوا يصلون وراء إمام واحد، لذلك جاء في كتب العقائد السليمة أن من عقائد السلف التي توارثها الخلف: «الصلاة وراء كلّ برٍ وفاجر» كما أنه تجب الصلاة على كل برٍّ وفاجر، فنحن الآن نقولُ بأن بعض
الصحابة كان يخالف الخليفة في رأيه وفي اجتهاده ومع ذلك هل فُصِل عن جماعة المسلمين؟ حاشا لله رب العالمين.
مثاله: لقد كان عمر -رضي الله عنه- يجتهد في بعض المسائل فيصيب في غالبها ويخطئ في أقلّها، من هذا القليل أنه نهى المسلمين أن يجمعوا بين العمرة والحج وأمرهم بأن يُفردوا الحج مع أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أقرَّ ضم أو الجمع بين الحج