بعد مناقشة طويلة وعنده روح علمية في المناقشة ليس مثل ما تعرفون بعض المشايخ يثوروا ويخوروا إلى آخره، لا كان رجلاً هادي الطبع، قلت له جواباً على الشبهة أوردها: قال: لماذا الاجتهاد! علماؤنا رحمهم الله لم يتركوا مسألة إلا وقدموا الجواب عليها، ولذلك لا داعي للاجتهاد، ماذا تريد أي مسألة فجوابها محرر في كتب الحنفية، قلت له يعني: معنى هذا الكلام أنه لو فرض أن الإسلام أو المسلمين ذهب من بين أيديهم القرآن الكريم، رأساً قاطعني هذا لن يكون، قلت له: فرضية ونحن تعلمنا الفرضيات من مذهبنا الحنبلي؛ لأنهم يفرضون أمور خيالية محضة.
أذكر مثلاً في المذهب الحنفي في باب الفرائض ذكروا لو أن رجلاً توفي وخلف سبعين جد، كم يرث كل واحد منهم؟ سبعين جداً، خيال! غيرهم مثلهم توسع في فرض الأمور الخيالية إلى درجة القباحة في الأمثلة: كالباجوري مثلاً من المتأخرين يفترض الصورة التالية: لو أن رجلاً جامع زوجته فدخل فيها نصف عضوه، هل يجب عليه الغسل أم لا؟ صورة أخرى: دخل هو كله هو هو الشخص المجامع دخل كله.
فقلت له: نحن نفترض الآن فرضية، ومن أشراط الساعة أن يرفع القرآن فقلت له يعني: إذا كان المذهب الحنفي بهذه السعة من حيث التفريع من كل الأحكام معناه: أنه لو ضاع القرآن لا ضرر في ذلك، قال: نعم، هنا أخذته من تلابيبه كما يقولون باللغة العربية، قلت له إذاً: ما قيمة قول الله عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] إذا كان ما حفظ القرآن ما يكون ضاع شيء؛