حتى نستجيب لدعوة الطعام، كما قيل قديماً:
سارت مشرقة وسرت مغرباً ... شتان بين مشرق ومغرب
أين قوله عليه السلام: «إنا لا نستعين بمشرك» وأين استعانة الرسول في تلك الحوادث الجزئية التي كان موقفه موقف القوة وموقفنا اليوم موقف الضعف، وكما قيل أخيراً:
وحسبكم هذا التفاوت بيننا ... وكل إناء بما فيه ينضح
أعود إلى ما كنا في صدده في مطلع كلمتنا، لأن هذا الواقع يتمثل في ثلاثة أمور: اثنان منهما تكلمنا عنهما بشيء من التفصيل، وهما اللذان يتعلقان بالدولتين السابقتين ذكراً، بقي علينا أن نتحدث عن الأمر الثالث وهو الذي يتعلق بالشعوب الإسلامية والأفراد المسلمين الذين يهتمون عادة بمعرفة الأحكام الشرعية ثم بتطبيقها على أنفسهم ثانياً، ذلك لأن العلم بالشيء لا يغني عن العمل به بل إن العلم بالشيء مع الإعراض عن العمل به قد يكون شراً على صاحبه أكثر من الجهل به وهذا موضوع طويل ولا يتسع الوقت للولوج فيه، لكن حسبنا من ذلك قول ربنا تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3] نضيف إلى ذلك الأثر السلفي المروي عن أبي الدرداء الصحابي الجليل حيث قال: ويل للجاهل مرة وويل للعالم سبع مرات. لذلك أتكلم عن هؤلاء الذين من اهتمامهم أن يعرفوا أحكام ربهم وأن يعملوا بها، فما هو واجب الفرد المسلم اليوم والشعوب المسلمة تجاه هذه الفتنة العارمة التي ألمت بالأمة المسلمة؟