منه عليه السلام ما كان عنده من دروع أو أسلحة، تأملوا معي الآن الفرق الجوهري بين تلك الاستعانة وهذه الاستعانة، لما طلب الرسول عليه السلام من صفوان ما طلب خشي أن يكون ذلك اعتداء منه عليه السلام على مال صفوان، فقال: أغصباً يا محمد أم عارية مؤداة؟ قال: بل عارية مؤداة.
الشاهد: في قول صفوان أولاً، خشي أن الرسول عليه السلام سيصادر هذا المال من صفوان، لماذا؟ لأنه كان في موقف القوة، وكان موقف الكافر المشرك في موقف الضعف، ولذلك قال: أتأخذ هذا مني مصادرة وغصب، أم هو عارية مؤداة؟ وما كان لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يغصب مال أحد بغير حق ولذلك قال له: بل عارية مؤداة، أما الآن فالقضية مقلوبة تماماً، إن استعانة المسلمين بالكافرين اليوم غير تلك الاستعانة تماماً، المستعين في موقف الضعف، والمستعان به في موقف القوة، إذا لم يكن مثل هذه الاستعانة هي المقصودة مباشرة بالحديثين السابقين: (إنا لا نستعين بمشرك) أو: (إنا لا نستعين بالمشركين) فمعنى ذلك تعطيل هذه القاعدة التي وضعها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لأننا لا نتصور استعانة أنكر وأعرق في الضلال وفي الآثار السيئة التي ستنتج من وراء هذا الاستعانة، لا نتصور استعانة مثلها أبداً، فكيف تستساغ وكيف تستجاز بمثل تلك الجزئية، وما يشابهها حيث في كل الأجزاء المشار إليها قد كان الرسول عليه السلام في موقف القوة وكان أولئك الذين عرضوا على نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - في موقف الضعف، وأرادوا بإعانتهم للرسول عليه السلام أن يجعلوا لهم عنده يداً، ولذلك فشتان ما بين الاستعانتين، ولا شك أن الأمر كما قيل قديماً، ونقف هنا قليلاً أو كثيراً ما أدري