اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] ففي صدر هذه الآية إشارة إلى أنه يمكن لطائفتين مسلمتين أن يتقاتلا، وتمام الآية تدلنا على العلاج، فقال عز وجل: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] قلنا: هذا هو العلاج، ولكن قلنا ما معناه إن الطبيب مفقود مع الأسف الشديد.
إذاً: هذا الاعتداء لا يجعل المعتدي كافراً وإنما يجعله باغياً، والباغي لا يخرجه بغيه من الدائرة الإسلامية، هذا موقف الدولة الأولى من حيث مخالفتها للشرع في الاعتداء على جارتها المسلمة، أما الدولة الأخرى والتي قابلت خطأ الأولى بخطأ مثله أو أفظع وأخطر منه ألا وهي الدولة السعودية حيث استجازت لنفسها أن نستعين بالكفار على درء الخطر المظنون، ألا وهو أن تهاجمها الدولة التي بغت على الكويت، فنحن نقول: القاعدة التي وضعها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - والتي لا يمكن أن تكون بوجه من الوجوه قاعدة كبعض القواعد الفقهية التي يمكن أن تكون وضعت باجتهادات وآراء شخصية تحتمل الخطأ والصواب، القاعدة وضعها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا شك أن ذلك كان وحياً من ربه لقول الله عز وجل في كتابه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4] وكما جاء في الحديث الصحيح أن عبد الله بن عمر بن الخطاب أو ابن عمرو أشك أنا الآن، كان في مجلس من مجالس المشركين، الآن يغلب على ظني أنه ابن عمرو بن العاص، كان في مجلس من مجالس المشركين فقالوا له: إنك لتكتب عن محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ما يقوله في الرضا والغضب، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليقول له ما سمع من المشركين، فقال له - صلى الله عليه وآله وسلم -: اكتب، فوالذي نفس محمد بيده ما يخرج منه إلا حق،