وأنتم اليوم تعيشون في الأردن بعيدين على ما يظن من المشكلة، ولكن المشكلة الآن كلما تأخر بنا الزمان كلما تضخمت بسبب هؤلاء السكان الذين هاجروا بأنفسهم من تلك البلاد وجعلوا بلاد الأردن ممراً لهم إن لم نقل مسكناً لهم ولو في وقت محدود، وهذه مشكلة لابد أنكم تقرؤون معنا في الجرائد وفي الإذاعة ما تتحمل الآن الدولة أو الحكومة الأردنية من المصاعب والمشاكل حتى اضطرت هي بدورها أن تستغيث بالعالم الغربي لإزالة هذه المشكلة التي عرضت لها، من هو المسؤول عن هذه المشكلة وهذه الفتنة الكبيرة؟ نحن المسلمين جميعاً، لا تفرقوا بين حاكم ومحكوم، بين صالح وطالح، فكلنا ذاك الرجل الطالح.
هذه مقدمة بين يدي الإجابة عن السؤال المطروح آنفاً، وأنا أقول هنا ثلاثة أمور، اثنتان منهما يتعلقان بدولتين كل منهما في رأيي وفي اجتهادي الجازم مخطئ شرعاً أشد الخطأ، والأمر الثالث يتعلق بالمسلمين بأفراد وشعوب وما الواجب بالنسبة لهؤلاء الشعوب أن يقفوا تجاه هذه الفتنة التي وقعت بين هاتين الدولتين، أما الخطأ الأول فكما ذكرت للسائل الذي وجه ذلك السؤال، هو أن دولة عربية اعتدت على دولة أخرى عربية، وكلتاهما مسلمتان، لا نستطيع شرعاً وليس نطقاً لا نستطيع شرعاً أن نقول: إنهما دولتان كافرتان مهما ذكر المتعصبون لكل منهما من مساوئ ومآخذ، فإن هذه المساوئ والمآخذ لا تسوغ لنا أن نصدر حكماً بتكفير كل من الدولتين، أما الدولة الأولى فباعتدائها على جارتها، وسمعتم مني آنفاً قول الله عز وجل: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ