الحكمة في كلام الإمام الشافعي، حيث استدل بهذه الآية على الإجماع، أي: من سلك غير سبيل الصحابة الذين هم العصمة في تعبيرنا السابق، وهم الجماعة التي شهد لها الرسول عليه السلام بأنها الفرقة الناجية، ومن سلك سبيلهم، هؤلاء هم الذين لا يجوز لمن كان يريد أن ينجومن عذاب الله يوم القيامة أن يخالف سبيلهم، ولذلك قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].

إذاً: على المسلمين اليوم في آخر الزمان أن يعرفوا أمرين اثنين:

أولاً: من هم المسلمون المذكورون في هذه الآية؟ ثم ما الحكمة في أن الله عز وجل أراد بها الصحابة الذين هم السلف الصالح ومن سار سبيلهم؟

قد سبق بيان وجواب هذه السؤال أوهذه الحكمة، وخلاصة ذلك أن الصحابة كانوا قريبي عهد بتلقي الوحي غضاً طرياً من فم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أولاً، ثم شاهدوا نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي عاش بين ظهرانيهم يُطَبِّق الأحكام المنصوص عليها في القرآن، والتي جاء ذِكْرُ كثير منها في أقواله عليه الصلاة والسلام، بينما الخلف لم يكن لهم هذا الفضل، من سماع القرآن وأحاديث الرسول عليه السلام منه مباشرة، ثم لم يكن لهم فضل الاطلاع على تطبيق الرسول عليه السلام لنصوص الكتاب والسنة تطبيقاً عملياً.

ومن الحكمة التي جاء النصُ عليها في السُنَّة قوله عليه السلام: «ليس الخبر كالمعاينة» ومنه أخذ الشاعر قوله:

وما راءٍ كمن سَمِعَا.

فإذن: الذين لم يشهدوا الرسول عليه السلام ليسوا كأصحابه الذين شاهدوه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015