عملياً بحيث أنه يستطيع أن يغيض الجواب في نفسه أو أن يحبسه عن لسانه أو أن يقول غير ما يرى، فلا بد له أن يقول في النهاية: أن هذه الجمعيات أو المؤسسات التي ظهرت لعالم المسلمين اليوم في كل بلاد الدنيا ما أثمرت، بل كانت ثمرتها زيادة في الفرقة وتعميق الخلاف وإثراءً كما يقال وإن كان خطأً لروح التنازع، ولا أدل على ذلك مما يجري الآن حتى بين بعض إخواننا الذين ينتسبون إلى الدعوة السلفية فإنهم كثيراً في بعض البلاد الإسلامية وجدنا أن التعادي بينهم وصل إلى حد يمكن أن يقال: إن الإصلاح يئس منهم وأعرضوا هم عن الإصلاح بيأس من الإصلاح نفسياً.
لذلك أقول: إن التجارب تدل دلالة عملية على أنه إن كان هناك تفكير في زيادة مثل هذه الجمعيات أو العمل عليها الآن أن يبتعد تماماً وأن يقطع التفكير فيها؛ لأن الأمر لا يقف عند النهايات التي رأينا آثارها الذميمة في حياتنا.
الأمر الثاني: أشرتم إلى بعض الأمور التي إن كانت توفرت في مثل هذه الجماعات أو الجمعيات فلا بأس من العمل عليها أو تأليفها لكي ينظم العمل الإسلامي فأقول حقيقةً من باب أيضاً إتمام المسألة الأولى فهناك القاعدة الشرعية التي لا تخفى على أحد منا وهي باب سد الذريعة، فهذه القاعدة العظيمة تقتضينا أن نفكر وإن كان العمل في ذاته أو في أصله مشروعاً كما قال ابن تيمية رحمه الله يقول: بأن وجود عصابة من المؤمنين في مكان ما للأمر بالمعروف النهي عن المنكر أو تحقيق أمر إصلاحي للمسلمين إذا كان هذا العمل يهدف إلى مثل هذا فلا بأس، لكن نحن رأينا الآن في بلاد المسلمين أن نفوس المسلمين قد تغيرت وتبدلت وصار هناك داخلها حب الدنيا والهوى واستعلاء بعض الناس بعضهم على بعض؛ لذلك أقول: إن هذه القاعدة تريح وبخاصة وأننا ذكرنا .. أو تبين لنا من الواقع ما يسوء لا ما يسر.