لم يزد على أن ذكر ما في هذا الإسناد، فقال: «حدث عن أبيه، سوى عنه أبو بكر الخلال». فمثله لا يحتج به بما تفرد به، فكيف إذا خالف؟ ! والأخرى: في قوله في أثر ابن عمر: وكان يأخذ من عارضيه»؛ فإنه مخالف لزيادة فِي حَدِيثِ ابن عمر في «الصحيحين»: «خالفوا المشركين، ووفروا اللحى، وأحفوا الشوارب». وهو مخرج في «الإرواء» «1/ 119»، وزاد البخاري في رواية «5892 - فتح».: «وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر؛ قبض على لحيته، فما فضل؛ أخذ». فهذا هو الصحيح عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وعن أحمد أيضاً. وله عَنْ ابْنِ عُمَرَ طريق أخرى، رواها ابن أبي شيبة «8/ 563»، وابن سعد «4/ 178». وله عنده طرق أخرى. ثم روى الخلال، ومن قبله ابن أبي شيبة عن أبي زرعة بن جرير قال: «كان أبو هريرة يقبض على لحيته، ثم يأخذ ما فضل عن القبضة». وإسناده صحيح على شرط مسلم. قلت: والآثار السلفية بهذا الماس كثيرة؛ حتى قال منصور عن إبراهيم: «كانوا يأخذون من جوانبها، وينظفونها. يعني: اللحية». أخرجه ابن أبي شيبة «8/ 564»، والبيهقي في «شعب الإيمان» «5/ 220/ 6438» بإسناد صحيح عن إبراهيم، وهو: ابن يزيد النخعي، وهو تابعي فقيه جليل.
قال الذهبي في «الكاشف»: «كان عجباً في الورع والخير، متوقياً للشهرة، رأساً في العلم، مات سنة «96» كهلاً».
قلت: فالظاهر أنه يعني من أدركهم من الصحابة وكبار التابعين وأجلائهم، كالأسود بن يزيد - وهو خاله - وشريح القاضي، ومسروق وأبي زرعة - وهو الراوي لأثر أبي هريرة المذكور آنفاً - وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، والآثار في الباب كثيرة؛ بل إن بعضهم جعل الأخذ من اللحية من تمام تفسير قوله تعالى في الحُجَّاج: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}، فقال محمد بن كعب القرظي: «رمي الجمار، وذبح الذبيحة، وأخذ من الشاربين واللحية والأظفار». أخرجه ابن جرير بسند جيد عنه. ثم روى عن مجاهد مثله. وسنده صحيح. ومجاهد، ومحمد بن كعب من أجلة التابعين المكثرين من الرواية عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس، والآخذين