في «الرد على من أجاز تهذيب اللحية» «ص 7 - 8 و 15 و 51»، ولقد أصاب في رده على ذاك الكاتب الذي زعم: «أن اللحية رمز عربي، وليس من الإسلام في شيء! »، ورسالته تدور حول إبطال هذا الزعم، ولقد كان موفقاً في ذلك، بخلاف عنوانه للرسالة، فلقد كان مخطئاً فيه من ناحيتين: الأولى: أنه لا يطابق المعنون عنه؛ لأن تهذيب اللحية غير حلقها بداهة، وهو لم يرد فيها على الذين يذهبون إلى جواز تهذيبها مع قولهم بحرمة حلقها.
والأخرى: أنه - أعني: العنوان - يشمل الحنفية وغيرهم الذين من مذهبهم جواز أخذ ما زاد على القبضة؛ بل يشمل ابن عمر وأبا هريرة وغيرهم من السلف الذين احتج بهم الحنفية؛ وإن لم يسلم بذلك الفاضل المعلق على رسالة: «وجوب إعفاء اللحية» للشيخ الكاندهلوي؛ فإنه قد خالف السلف، ومنهم إمام السنة أحمد بن حنبل؛ فقد روى الخلال في «كتاب الترجل»: قال: أخبرني حوب، قال: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية؟ قال: كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة. وكأنه ذهب إليه. قلت له: ما «الإعفاء»؟ قال: يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: كان هذا عنده الإعفاء. أخبرني محمد بن أبي هارون: أن إسحاق حدثهم قال: سألت أحمد عن الرجل يأخذ من عارضيه؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة. قلت: فحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى»؟ قال: يأخذ من طولها ومن تحت حلقه ورأيت أبا عبد الله يأخذ من طولها ومن تحت حلقه، وروى ابن هاني مثله في «مسائله» «2/ 151/1848».
قلت: ثم قال الخلال: أخبرني عبيد الله بن حنبل قال: حدثني أبي قال: قال أبو عبد الله: ويأخذ من عارضيه، ولا يأخذ من الطول، وكان ابن عمر يأخذ من عارضيه إذا حلق رأسه في حج أو عمرة، لا بأس بذلك. فأقول: هذا الرواية شاذة؛ إن لم أقل: منكرة عن الإمام أحمد، من ناحيتين: الأولى: في قول أحمد: «ولا يأخذ من الطول». فإنه مخالف لرواية حرب لإسحاق المتقدمتين، ولعل ذلك من عبيد الله بن حنبل؛ فإنه غير معروف بالرواية؛ فإن الخطيب لما ذكره في «التاريخ» «10/ 347»