للآية على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم ولا قال لهم: أخطأتم فالآية لا تنفي سماع الموتى مطلقا بل إنه أقرهم على ذلك ولكن بين لهم ما كان خافيا عليهم من شأن القليب وأنهم سمعوا كلامه حقا وأن ذلك أمر خاص مستثنى من الآية معجزة له - صلى الله عليه وسلم - كما سبق.

ثم قلت هناك: فتنبه لهذا واعلم من الفقه الدقيق الاعتناء بتتبع ما أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمور والاحتجاج به لأن إقراره حق كما هو معلوم وإلا فبدونه قد يضل الفهم عن الصواب في كثير من النصوص ولا نذهب بك بعيدا فهذا هو الشاهد بين يديك فقد اعتاد كثير من المؤلفين وغيرهم أن يستدلوا بهذا الحديث - حديث القليب - على أن الموتى يسمعون متمسكين بظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» غير منتبهين لإقراره - صلى الله عليه وسلم - الصحابة على اعتقادهم بأن الموتى لا يسمعون ... فعاد الحديث - بالتنبه لما ذكرنا - حجة على أن الموتى لا يسمعون وأن هذا هو الأصل فلا يجوز الخروج عنه إلا بنص كما هو الشأن في كل نص عام والله ولي التوفيق.

وقد يجد الباحث من هذا النوع أمثلة كثيرة ولعله من المفيد أن أذكر هنا ما يحضرني الآن من ذلك وهما مثلان ...

ثم ذكرتهما وأحدهما عائشة هذا فقلت عقبه ص 46:

قلت: فنجد في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر قول أبي بكر الصديق: مزمار الشيطان بل أقره على ذلك فدل إقراره إياه على أن ذلك معروف وليس بمنكر فمن أين جاء أبو بكر الصديق بذلك الجواب ... الخ ما تقدم نقله ص 107 - 108. ثم قلت: ص 47: فتبين أنه - صلى الله عليه وسلم - كما أقر عمر على استنكاره سماع الموتى كذلك أقر أبا بكر على استنكاره مزمار الشيطان وكما أنه أدخل على الأول تخصيصا كذلك أدخل على قول أبي بكر هذا تخصيصا اقتضى إباحة الغناء المذكور في يوم العيد ومن غفل عن ملاحظة الإقرار الذي بينا أخذ من الحديث الإباحة في كل الأيام كما يحلو ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015