فما الفضلُ في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الفضل في ذا وذاكا
وهذا الكلام فيه حقٌّ، ويقع فيه غلطٌ، فأما [الحق] (?) فهو ما اشتمل عليه من الإخلاص لله وإرادة وجهه دون ما سواه، وطلب النظر إلى وجهه، والشوق إلى لقائه، كما في الحديث المأثور عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجهين، أحدهما من حديث عمار بن ياسر، و [الثاني] من حديث زيد بن ثابت، فيه: "أسالك النظرَ إلى وجهك، والشوقَ إلى لقائِك في غير ضرَّاءَ مُضِرَّةٍ، ولا فتنةٍ مُضِلَّة" (?).
وأما الغلط فتوهُّم المتوهمِ أن إرادة وجه الله والنظر إليه ليس فيها حظٌّ للعبد ولا غرض، وأن طالبها قد ترك مقاصده ومطالبه، وأنه عامل لغيره لا لنفسه، حتى قد يُخيَّل أن عمله لله بمنزلة كسب العبد لسيده وخدمة الجند لمَلِكِهم. وهذا غلط، بل إرادة وجه الله أعلى حظوظ العبد، وأكبر مطالبه وأعظم مقاصده، والنظر إلى وجهه أعظم لذَّاته، ففي الحديث الصحيح عن أهل الجنّة قال: "فيكشف الحجاب، فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إليه، وهي الزيادة"، رواه مسلم (?) عن صهيب.