وإنما العبد له حظانِ: حظ من المخلوق (?)، وحظٌّ من الخالق، وله لذتان: لذة تتعلق بالمخلوق، ولذة تتعلق بالخالق. فتركَ أدنى الحظين واللذتين لينال أعلاهما، وما عملَ إلا لنفسه ولا حَطَبَ إلا في حَبْلِه، قال تعالى: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) (?). وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أسألك لذة النظر" كما تقدم.
وقال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا) (?)، وقال: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) (?)، وقال: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) (?) وقال: (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)) (?). والله سبحانه أمره بما يحتاج إليه في سعادته، وأحب له أعلى السعادات وأعظم اللذات، وإن كان لمحبة الرب عبده ولعمله الصالح تعلُّق بالله ليس هذا موضعه، فالعبد إذا لم يتصرف إلا بأمر الله ورسوله فهو بمنزلة من لا يتصرف إلا بأمر مالكه العالم بحاله، والناصح له، لا بأمر المالك الذي ينتفع به في حياته، قال الله تعالى (?): "يا عبادي إنكم لن تَبلُغوا ضُرّي فتضروني، ولن