متى رجع إلى نفسه أرادت بهواها، فهو يريد أن يَفنَى عن نفسه حتى يكون الحق هو الذي يريد له وبه.
ثم إنه مع الفناء في نوع من الإرادة لله التي هي أعظم الإرادات، لكنه غائبٌ كغيبته عن نفسه مع وجودها. وهذا كله حسن، وإن كان البقاء أفضل ما لم يُفْضِ (?) الأمرُ إلى ترك مأمور به جريًا مع الكوني.
ومما (?) يَغلَطُ فيه بعضُهم قولُ طوائفَ منهم: إن من طلب شيئًا بعبادته لله كان له حظ، وكان يَسْعَى لحظه، وإنما الإخلاصْ أن لا تطلب بعملك شيئًا، ولا يكون لك حظٌّ ولا مرادٌ. ثم يقولون: لا يريد إلا اللهَ، ولا يطلب إلا وجهَه، هذا في الدنيا، وفي الآخرة لا يَطلُب إلا رؤيته.
وبعضهم قد يقول: إذا طلبتَ رؤيته كنتَ في حظِّك، بل لا يكون لك مطلوب. ويُنشِد قول بعضهم (?):
أحبُّك حبَّينِ: حبُّ الهوى وحب لأنكَ أهلٌ (?) لذاكا
فأما الذي هو حبُّ الهوى فكَشْفُك للحُجْبِ حتى أراكا
وأما الذي أنت أهل (?) له فحبِّي خُصِصْتَ به عن سواكا