ومنهم من يقول: بل العذاب لا يستحق إلا بعد إرسال الرسل، كما دل عليه الكتاب والسنة، وإن كان الفعل في نفسه سيئا قبيحا، وهو سبب لذم صاحبه وعقابه، لكن شرط حصول العقاب هو إقامة الحجة بالرسل كما دلت عليه النصوص. وهذا أعدل الأقوال وعليه تدل نصوص الكتاب والسنة.

وقد ذكروا عن القائلين بالحُسْن والقبح العقلي، هل هذا الحكم ثابت لذات الفعل، أو لصفةٍ قائمة به، أو في الحسن لذاته وفي القبح لصفةٍ قامت به؟ ثلاثة أقوال.

ولم يقل أحدٌ: إن الحُسْن والقُبح هو وصف لازم لذات الفعل، كما تظنه طائفةٌ نَقَلَتْ قولَهم، بل يقولون: تختلف صفات الفعل باختلاف أحواله وأنواعه، فكونه حسنًا من جنس كونه محبوبًا، وكونه قبيحًا من جنس كونه بغيضًا، ويقولون: قد يقوم به المقتضي لحسنه أو قبحه، ولكن يختلف عنه مقتضاه لفوات شرط أو وجود مانع.

وهو مبنيّ على مسألة تخصيص العلة، فمن جعل العلَّة الأمرَ المستلزم للحكم لم يخصِّصها، ومن جعلها المقتضي خصَّصها. وهو نزاع لفظي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015