وليس لنفاة الحُسن والقبح العقليين دليل أصلًا، بل جميع أدلتهم باطلة، وليس لمثبتيه دليل يدل على حُسْن وقُبْح بغير اعتبار الملاءمة للفاعل والمنافرة له، بل كلّ ما يذكرونه على إثبات حُسن وقبح بدون ذلك فهو باطلٌ.

كما أن أولئك ليس لهم دليل على أن الفاعل المختار يفعل بلا داع، وليس لهؤلاء دليل على أنه يفعل بِداعٍ لا يعود إلا إلى غيره؛ ولهذا لمّا عاد معنى الحسن والقبح إلى هذا أثبتت طائفةٌ الحُسنَ والقبحَ العقليّ في أفعال العباد دون أفعال الله. وهو اختيار الرّازي في آخر عمره.

وهو مبنيٌّ على أصلٍ، وهو مشيئة الله، وهل هي نفس محبته ورضاه وسخطه وبغضه، أو بينهما فرق؟

فذهب المعتزلة، والجهمية والقدرية الجَبْريّة، والقدرية النافية إلى أن جميع ذلك بمعنى واحد، ثم قالت النفاة: قد ثبت بالنصوص المتواترة إجماع الأمة: أنّ الله لا يحبّ الكفر والفسوق والعصيان، فلا يريده ولا يشاؤه، فيكون في ملكه ما لا يشاء.

وقالت المُجْبرة: بل ثبت بالنصّ والإجماع أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكلُّ كائن فهو بمشيئته. وجهم بن صفوان [لا] يثبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015