ومنهم من يقول: بل الشارع لم يخصّ فعلًا على فعلٍ، فالأمر والنهي لا لاختصاص ذلك الفعل بما يقتضي ذلك، لكن كون ذلك الفعل حسنًا مأمورًا به وقبيحًا منهيًّا عنه لا يثبت إلا بالشرع، فالشارع جعل ذلك الوصف المناسب موجبًا لكون الفعل حسنًا وقبيحًا، لا أنه كان حسنًا وسيئًا.

وهذا يقوله مَنْ نفى الحُسْن والقُبْح العقليين، ويقول: إن الشارع جعل الصفات عللًا، كما يقوله الغزالي وموافقوه، كأبي محمد بن المَنّي وأبي محمد المقدسي وغيرهما.

وأما الأكثرون فيقولون: بل تلك الصفات توجب كون الفعل حسنًا وسيئًا، فتوجب كون العدل حسنًا وكون الظلم سيئًا، وأنه سببٌ لمدح صاحبه وذمّه، ولكن هل يستحق صاحبه العقاب قبل إرسال الرّسل؟ على قولين:

فمنهم من يقول: إن صاحبه يستحقّ العقاب في الدنيا والآخرة بدون الإرسال، كما يقول ذلك كثير من المعتزلة والحنفية وأبو الخطَّاب وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015