والخنزيرِ، ويَحِلُّ له قَبْضُ ثمنِ ذلك ممن باعَه بتأويلِه في دينه.
فالمسلم الذي قَبَضَ بتأويل أولَى. فهذا مأخذ لقولِ أحمد.
وله مأخذ ثانِ: أنَّ الظالمَ إذا باعَ المغصوبَ فالمشتري قَبَضَ عِوَضَ مالِه، والأموالُ التي بأيديهم مجهولةُ الملكِ، فالعِوَضُ فيها كالمعوَّض. فالمستفتي قَبَضَ ممن قَبَضَ عِوَضَ [مالِه]، ولم يَقبِضْ ممن قَبَضَ نفسَ مالِ الغير. ولهذه القاعدة فروعٌ في جواباتي في الفتاوى.
وما قَبَضَه الإمامُ من الحقوقِ -الزكَوات والخراج وغير ذلك- بتأويلِ من اجتهادٍ أو تقليل وَجَبَتْ طاعتُه فيه، كما يَجبُ طاعةُ الحاكمِ في الحكم المتنازع فيه، فإذا طلبَ أخْذَ القيمةِ أَو أَخْذَ ما فَضَلَ عن الفرائضِ ونحو ذلَك أُطِيعَ في ذلك، وتَبْرَأ ذِمَّةُ المسلمِ بما يَدفعُه من ذلك.
وهل يُجزِئُه ذلك إذا كان يعتقد أنه لا يُجزِئه لو فعلَه؟ الصواب أنه يُجزِئُه، كما ذكر أصحابُنا في الخلطة أنه لو أخذ القيمة أو الكبير عن الصغير فإنه يَرجِعُ أحدُ الخليطينِ على الآخر بذلك، وإطلاقُهم يَقتضي أنه يُجزِئُ.
ونظيرُ هذا من مسائل العبادات البدنية الصلاةُ، فإن المأمومَ يجب عليه متابعةُ الإمام فيما يَسُوغُ فيه الاجتهادُ وإن كان المأموم لا يراه، كما لو قنَتَ الإمامُ في الفجر، أو زاد في تكبير الجنازة إلى سبع. لكن لو أخلَّ في الصلاة بركن أو شرط في مذهب المأموم دون مذهبه فهذهِ فيها الخلاف. وهو يُشبه إجزاءَ إخراجِ الزكاة من بعض الوجوه، لكن إن كان الإمامُ لا يطلبُ منه الزكاةَ وإنما هو بَذلَها له،