وفي أهل الرِّدَّة أيضًا روايتان، أصحُّهما أنهم لا يَضمَنُون كأهلِ الحرب، كما أشارَ به عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه، لمَّا قالَ لأهل الردَّةِ: تَدُوْا قَتْلاَنا ولا نَدِيْ (?) قَتْلاَكم، فقال عمر: لا، لأنهم قومٌ قتِلُوا في سبيل الله واستُشْهِدوا. دَلَّ على ذلك كتابُ الله في عَفْوِه عن الخطأ، وسُنَّةُ رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قصّةِ أسامةَ بن زيدٍ (?) وقصّةِ عمّار بن ياسرٍ (?) وعديّ بن حاتم (?) وأبي ذَر (?) وغير ذلك.
فما قَبَضَه المسلم بعَقْدٍ متأوِّلاً فيه مَلَكَه، ولو تَحاكَمَ اثنانِ في عَقْدٍ اعتقدَا صِحَّتَه بعد القبض فينبغي للحاكمِ أن يُقِرَّهما على ذلك التقابُضِ.
ويجوز معاملةُ المسلم فيما قبضَه بهذا الوجه، ولهذا أمرَ أحمد لمن يُعامِلُ السلطانَ في وقتِه أن يكون بينه وبينه آخر، وكلَّما بَعُدَ كان أجودَ، لأنّ المباشرَ لهم قد يَستحِلُّ من المعاملةِ باجتهادٍ أو تقليدٍ ما لا يَستحِلُّه المستفتي، فإذا قَبَضَه المباشرُ بتأويلِه حَلَّ للمستفتي حينئذٍ.
ونظيرُ هذا قولُ عمر في الخمر والخنزير: وَلُّوهُم بَيْعَها وخُذُوا أثمانَها، ولا تَبِيعُوها أنتم (?). فإنّ المسلمَ لا يَحِلُّ له بيعُ الخمرِ