وذكر أن الشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فدلَّ ذلك على أن من الناس من يعلمها، فمن تبيَّنت له الشبهاتُ لم يبقَ في حقِّه شبهةٌ، ومن لم تتبيَّنْ له فهي في حقِّه شبهةٌ، إذ التبيُّن والاشتباه من الأمور النسبية، فقد يكون الشيء متبينًا لشخصٍ مشتبهًا على الآخر.

وبيَّن أن الحَزْمَ تركُ الشبهات، والشبهات قد تكون في المأمور به، وقد تكون في المنهي، فالحزْمُ في ذلك الفعلُ وفي هذا التركُ، فإذا شكَّ في الأمر هل هو واجبٌ أو محرَّمٌ فهنا هو المشكلُ جدًّا، كما في الاعتقادات، فلا يحكم بوجوبه إلاّ بدليل ولا بتحريمه إلا بدليل، فقد لا يكون لا واجبًا ولا محرَّمًا وإن كان اعتقادًا، إذْ ليس كلُّ اعتقادٍ مطلقٍ أوجبَه الله على الخلق، بل الاعتقاد إمّا صواب وإمّا خطأ، وليس كلُّ خطأٍ حرَّمَه الله، بل قد عفا الله عن أشياءَ لم يُوجِبْها ولم يُحرِّمْها. والله أعلم.

(تم بحمد الله تعالى وعونه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، في خامس عشر من شعبان المكرم سنة أربع عشرة وثمان مئة، بمدرسة أبي عمر قدَّس الله تعالى روحه ونوَّر ضريحه).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015