واليهود والنصارى فيهم معطِّلةٌ وممثلّةٌ، وإن كان الغالبُ على خاصّتهم التعطيل، فلذلك كانت المعطِّلة فينا أكثر من الممثّلين، حتى إنّ المعطِّلة يكثر وجودُهم، والممثّلة لا يكاد يُوجَد منهم إلاّ الواحد بعد الواحد في الأحايين.
فلما حدثتْ بدعةُ التعطيل والتمثيل أنكر ذلك فقهاء التابعين، وكذلك من بعدهم من العلماء ورثة الأنبياء وأئمة المتقين، وكان ذلك عندهم أعظمَ من جميع بدع المبتدعين، حتى أَعْظَمَ السلفُ أمرَ الجهمية ونحوهم وكَفَّروهم، وإن كانوا عن غيرهم متوقفين، واحتاجوا لانتشار البدع إلى ضبط السنن الدامغة للمبتدعين، وكان أسعدُ الناس بهذه الوراثة أصحابَ الكتاب والآثار المأخوذةِ عن سيّد المرسلين -وهم أهل القرآن والحديث- الباحثين (?) في كلّ باب في العلم عن آثار الصحابة والتابعين، العالمين بصحيحه وعليلِه، الفاهمين بمنطوقِه ودليلِه، السالكين سبيلَ السابقين، الذين أخبرَ بهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث يقول: "يَحمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خَلَفٍ عُدولُه، ينفون عنه تحريفَ الغالين وانتحالَ المبطلين وتأويلَ الجاهَلين" (?).
وكانوا هم أئمةَ الإسلام الذين هم قدوةُ المؤمنين، بحيث كان