كذبتَ، بل أردتَ أن يقال فلانٌ عالمٌ، وقد قيل، ثمّ يُؤمر به فيُسحَب إلى النار. ومعاويةُ لمّا سمعَ هذا الحديثَ بكَى وقال: صدقَ الله وبلَّغَ رسولُه، ثمَّ قرأ قولَه: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)) (?).
وكذلك في الحديث في السنن (?): "مَن طَلَب علمًا مما يُبتغَى به وجهُ الله، لا يَطلبُه إلاّ لِيُصيبَ به عرضًا من الدنيا، لم يَرِحْ رائحةَ الجنَّة". وفي الحديث الآخر (?): "من طَلَبَ علمًا -أو قال: من تعلَّم علمًا- ليُجارِيَ به العلماءَ ويُمارِيَ به السُّفَهاءَ، ويتأكَّلَ به الدنيا، ويَصْرِفَ به وجوهَ الناسِ إليه، لقيَ الله وهو عليه غَضبانُ".
وفي رواية: "لم يَجِدْ عَرْفَ الجنةِ".
وهذا باب واسعٌ قد بُسِطَ في غير هذا الموضع، وتكلَّمنا فيه على آية هود وآية سبحانَ وآية الشورى وغير ذلك من الآيات والأحاديث والآثار في ذمِّ العالمِ وغيرِه المريد للدنيا والقَالَةِ، وبَيَّنا فيه أماراتِ ذلك، وبَيَّنا أن الدينَ كلَّه لله، وأن الله أغنى الشركاء عن الشركِ، وأن الصحابة والسلف كانوا أخوفَ الخلق في هذا المقامِ الخطِر.
والمقصود أن هذا العالم لمّا لم يكن مقصودُه إلاّ الدنيا بما عَلِمَه