الَّذِي خَلَقَ}، فأول هذه السورة الأمر بالقراءة، وآخرها الأمر بالسجود {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق:19].

والصلاة أقوال وأعمال، فأفضل أقوالها القراءة، وهو أوكد أركانها القولية، وأفضل أعمالها السجود، وهو أوكد أركانها الفعلية. وقد اختلف العلماء أيهما أفضل؟ كثرة الركوع والسجود أو طول القيام؟ على ثلاثة أقوال هي ثلاث روايات عن أحمد، أصحُّها أنهما سواء، فإن فضل الركوع والسجود يُعادِلُه فضل القراءة. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسوِّي بينهما، فإذا أطال أحدَهما أطال الآخر، كما في قيام الليل وصلاة الكسوف، وبالعكس.

وهذان الركنان مشروعان على سبيل الاستقلال، فإن القرآن يُقرأ خارجَ الصلاة، والسجود يُفعَل مفردًا في سجود التلاوة والشكر والسهو، وآخر السور {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر:1]، وهو تمام مقصود الجهاد.

ولهذا كان خواصُّ الأمة صنفين: العلماء أهل القرآن، والأمراء أهل السيف، وهم أولو الأمر الذين قال الله فيهم: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]، فهؤلاء أولو الأمر.

وأما أقسام الأمة فقد ذكرهم في سورة المزمل لما نسخَ ما كان افترضه من قيام الليل، فقال: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015