وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل:20]، فأمرهم بقراءة ما تيسَّر من القرآن، فإن من المسلمين المعذور بالمرض، ومنهم التاجر الضارب في الأرض يطلب فضل الله، ومنهم المقاتل في سبيل الله.
ولهذا كانت أصناف الأمة ثلاثة: أهل القرآن، وأهل المال، وأهل السيف، وكانوا يسمون أهل القرآن «القراء»، وهم اسمٌ يجمع عندهم لأهل العلم والدين، فإن العلماء إنما كانوا يتفقهون في القرآن، والعبَّاد إنما كانوا يتعبدون بالقرآن، فأهل العلم والكلام لهم ما أنزله الله من العلم والكلام، وأهل السماع والوجد لهم سماع القرآن والوجد به، وكان هذا الصنف في السلف شيئًا واحدًا قبل تفرق الأمة.
ويؤخذ من الآية أن المريض والمسافر والمجاهد يُكتَب له مثل ما كان يعمل، كما ثبت في الصحيح عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مرض العبد أو سافر كُتِبَ له من العمل مثلُ ما كان يعمل وهو صحيح مقيم». فهذا نصٌّ في المسافر والمريض، وأما المجاهد فأمره أبلغُ من هذا، فإن في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مثل المجاهد