بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وحده لا شريك له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا.
قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} [الحديد:25]، أخبر سبحانه أنه أنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنزل الحديد فيه بأس شديدٌ ومنافع للناس، فالكتاب يهدي والحديد ينصر، وكفى بربك هاديًا ونصيرًا.
فأول ما أنزل على الرسول الأمر بقراءة الكتاب بقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]، فلما هاجر إلى دار النصر أذن له أن يقاتل بالحديد، فالكتاب هو العلم، والحديد هو القدرة، وكلاهما سلطان، والكتاب قيام الصلاة، والحديد قيام الجهاد، ولهذا كانت أكثر الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة والجهاد، وكان الأمير يتولاهما جميعًا، أمير الحرب هو إمام الصلاة، وكلاهما فيه الصف الذي يحبُّه الله، وكلاهما فيه الطاعة والجماعة. ولهذا كان أول ما نزل من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ