ولمّا كانت الصلاة مثنى مثنى جعل في كل ركعةٍ السجود مثنى مثنى، فكل سجدتين معقودتان بركعةٍ، فتصير وترًا، سجدتان وركوع، والركوع مقدمة أمامهما كتقدمة الوقوف على طواف الزيارة. قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:إ إذا أدركتمونا ونحن سجود فاسجدوا، ولا تَعدُّوها شيئا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك" (?)، كما قال: "الحج عرفة" (?)، فمن أدرك عرفةَ فقد أدرك الحج، ومن فاتَه التعريفُ فإنه يفعل الطواف والسعي ولكن لا يكون مدركًا للحج، لكن يكون متحللاً بعمرةٍ أو عَمِلَ عمرةً.
ولهذا قيل: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)) (?)، فالركوع مع السجود تقدمةٌ وتوطئةٌ وبابٌ إليه، وهو مشترك بين القيام والسجود وبرزخٌ بينهما، فالقيام قيام القراءة قبله، وأما القيام بعده فهو -والله أعلم- لأجل السجود بعده، ليكون السجودُ عن قيامٍ، وهو السجود الكامل، فالرفع منه تكميل للركوع، والخفضُ من القيام تكميل للسجود. ولهذا هو ركنٌ تامٌّ كما جاءت به السنة، وليس معادلتُه لبقيَّةِ الأركان -كما كان يفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال: "لا يقبل الله صلاةَ من لا يُقيمُ صلبَه في الركوع والسجود" (?) - لعدم تكميلها، فإنه أيضًا إذا لم يُقِم صلبه بين السجدتين لا يكون قد أكمل الأولى برفعِها ولا الثانية بخفضِها.
فالسجود إذًا شُرع في الانحناء وهو قاعد، أما إذا كان وجهه قريبًا من