والليث والأوزاعي وأبي يوسف وغيرهم، وهكذا نُقِل عن مالك.
وقال أبو حنيفة وزفر والثوري في رواية: إن أخَّره إلى ثالث أيام التشريق لزمَه دمٌ -وهو قولٌ مخرَّجٌ في مذهب أحمد- وإن أخَّره إلى المحرم فلا شيء عليه إلا عند مالك، فإنه عليه دمٌ. ولفظ المدونة: إذا جاوز أيام منى وتطاول ذلك لزمَه، ولم يوقت فيه. وأما رمي الجمار فلا يجوز بعد أيام التشريق، لا نزاع نعلمه، بل على من تركَها دمٌ، ولا يُجزِئُ رميُها بعد ذلك.
قال: واتفقوا على أن إيجاب الهدي فرضٌ على المُحْصَر.
قلت: قد نَقل غير واحدٍ عن مالك أنه لا يجب الهدي على المحصر، وهو المشهور من مذهب مالك.
قال: واتفقوا على أن من حلف لخصمِه دون أن يُحلِّفه حاكم أو مَن حكَّماه على أنفسهما، أنه لا يبرأ بتلك اليمين من الطلب.
قلتُ: قد نَصَّ أحمد على أنه إذا رضي بيمين خصمِه فحلف له، لم يكن له مطالبته باليمين بعد ذلك.
قال: وأجمعوا على أن كل من لزمه حق في ماله أو ذمته لأحدٍ، فرض عليه أداء الحق إلى من هو له عليه، إذا أمكنه ذلك وبقي له بعد ذلك ما يعيش به أيامًا هو ومن تلزمه نفقته.
قلت: مذهب أحمد أنه يترك له من مالِه ما تدعو إليه الحاجة من مسكن وخادم وثياب، وكذلك قال إسحاق. وظاهرُ مذهب أحمد أيضًا أنه إذا لم تكن له صنعة يترك له ما يتجر به لقُوتِه وقوتِ عياله، وإن كان ذا حرفةٍ ترك له آلة حرفته. وقد نقل عنه عبد الله ابنه أنه قال: يُباعُ عليه كل شيء إلا المسكن وما يواريه من ثيابه والخادم، إن كان