ذاكرًا لإحرامه مُبطِلٌ لإحرامِه والحج، بقوله تعالى: (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (?). وقال: كلُّ نسوقٍ تعمَّده المحرمُ ذاكرًا فقد أبطل إحرامه وحجه وعمرته، لقوله تعالى:: (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ).
قال: ومن عجائب الدنيا أن الآية وردت كما تلونا، فأبطلوا الحج بالرفث ولم يُبطِلوه بالفسوق. وقال: كلُّ من تعمَّد معصيةً أيَّ معصية كانت، وهو ذاكر لحجه منذ يُحرِم إلى أن يتم طوافه بالبيت للإفاضة ورمي جمرة العقبة، فقد بَطَل حجُّه. قال: وأعجبُ شيء دعواهم الإجماع على هذا.
قلت: الإجماع فيه أظهر منه في كثير مما ذكره في كتابه.
قال: واتفقوا أن كل صدقة واجبة في الحج أو إطعام، أنه إن أدَّاه بمكة أجزأه، واختلفوا فيمن أدَّى ذلك في غير مكة، حاشا جزاء الصيد، فإنهم اتفقوا أنه لا يُجزئ إلا بمكة.
قلت: مذهب أبي حنيفة ومالك أنه يُجزئ الإطعام في جزاء الصيد في غير مكة. وكذلك عندهما تفرقة اللحم تُجزئ في غير الحرم، وإنما الواجب في الحرم عندهما إراقة الدم، بخلاف الشافعي وأحمد ومن وافقهما، فإنهم أوجبوا ذبحه في الحرم، وأوجبوا تفرقتَه في الحرم. وكذلك الصدقة تقوم مقام ذلك.
قال: واتفقوا أن من يوم النحر -وهو العاشر من ذي الحجة- إلى انسلاخ ذي الحجة وقتٌ لطواف الإفاضة ولما بقي من سنن الحج. قلت: إن أخَّره عن أيام منًى جاز في مذهب الشافعي وأحمد