وقد قيل: إن الصلاة إنما سُمّيت تسبيحًا لاشتمالها على القيام والقراءة، وتسمّى ركعة وسجدة لاشتمالها على الركعة والسجدة. لكن فرق بين قوله "سبح اسم ربك الأعلى" و"العظيم" -فهذه قد فُسِّرتْ بالتسبيح المجرد قول العبد في ركوعه وسجوده: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى- وبين قوله "فسبح بحمد ربك"، فان هذا إذا قيل: إن المراد بحمدك ربّك أمر بالتسبيح وبالحمد، كقوله "سبحان الله وبحمده".
والمصلي إذا حَمِدَ ربَّه في القيام، أو في القيام والقعود، وسبَّح في الركوع والسجود، فقد جمع التسبيح والحمد، فسبَّح بحمد الله. فالصلاة تسبيح بحمد ربه، كما بيَّن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك.
وقد فَسَّر طائفة من السلف قوله (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)) (?) بالتسبيح بالكلام (?)، وذكروا أنواعًا: التسبيح عند افتتاح الصلاة، والتسبيح عند القيام من المجلس، فروى ابن أبي حاتم (?) عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)) قال: إذا أراد أن يقوم الرجل من مجلسه قال: سبحانك اللهم وبحمدك. هكذا رواه وكيع، ورواه أبو نعيم وقبيصة فقالا: يقول سبحان الله وبحمده.
وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد: "حين تقوم" قال: من كلّ مجلس.
وعن طلحة عن عطاء: حين تقوم من كل مجلس، إن كنتَ أحسنتَ ازددتَ خيرًا، وإن كان غير ذلك كان هذا كفارةً له.
وقال طائفة: حين تقوم إلى الصلاة، وكذلك قال الضحاك: حين تقوم إلى الصلاة المفروضة، وكذلك قال ابن زيد: إذا قام إلى الصلاة من