بعامٍ -وفي روايةٍ: أو اثنين- فكان يصلي في سبحته قاعدًا، وكان يقرأ فيها بالسورة فيُرتّلها، حتى يكون أطول من أطول منها. ومنه أيضًا ما أخرجاه في الصحيحين (?) عن عائشة قالت: ما رأيتُ رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصلِّي سبحةَ الضحى قَطُّ، وإنّي لأسبِّحها، وإن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيَدَعُ العمل وهو يُحِبّ أن يعمل به، خشيةَ أن يعمل به الناس فيُفرَض عليهم.
لكن هذا يوجد في كلام الفصحاء، تسمية التطوع سُبْحة، خصُّوه بذلك. وأما في كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيحتاج إلى نقل عنه.
ويراد بالتسبيح جنس ذكر الله تعالى، يقال: فلان يُسبِّح، إذا كان يذكر الله. ويدخل في ذلك التهليل والتحميد، ومنه سُمِّيت "السبَّاحة" للإصبع التي يشير بها، وإن كان يشير بها في التوحيد. ويراد بالتسبيح قول العبد "سبحان الله"، وهذا أخصُّ به.
وفي السنن (?): لما أنزل الله تعالى (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)) قال: "اجعلوها في ركوعكم"، ولما نزل (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (?)) قال: "اجعلوها في سجودكم". وفي الصحيحين (?) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم". وفي الصحيحين (?) عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من قال في يوم مئة مرة: سبحان الله وبحمده، حُطَتْ عنه خطاياه ولو كأنت مثلَ زبد البحر".