- سنة الله في إرسال الرسل إلى الخلق وابتلاء من يؤمن بهم وعقاب من لا يؤمن بهم

(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)) (?).

فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين: إمّا أن يقول أحدهم: آمنّا، وإما أن لا يقول: آمنّا، بل يستمر على عمل السيئات. فمن قال "آمنّا" امتحنه الرب عزّ وجل وابتلاه، وألبسه الابتلاء والاختبار ليبين الصادق من الكاذب، ومن لم يقل "آمنّا" فلا يحسب أنه يسبق الرب لتجربته، فإنَّ أحدًا لن يُعجز الله تعالى.

هذه سنته تعالى، يُرسل الرسل إلى الخلق، فيكذبهم الناس ويؤذونهم، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ) (?)، وقال تعالى: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (?)، وقال تعالى: (مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) (?).

- لابد من حصول الألم لكل نفس

ومن آمن بالرسل وأطاعهم عَادَوه وآذَوه، فابتلي بما يؤلمه، وإن لم يؤمن بهم عُوقِب، فحصَلَ ما يؤلمه أعظم وأدوم. فلابد من حصول الألم لكل نفسٍ سواءً آمنت أم كفرت، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداءً ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة. والكافر تحصل له النعمة ابتداءً، ثم يصير في الألم.

سأل رجل الشافعيَّ فقال: يا أبا عبد الله! أيما أفضل للرجل أن يمكَّن أو يُبتلَى؟ فقال الشافعي: لا يمكَّن حتى يُبتلَى، فان الله ابتلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015