والماء يُخلَق الريُّ عنده لا بسبب عذوبةٍ وقوةٍ فيه، وأمثال ذلك= فهذا مخالفٌ لنصوصِ القرآن والسنة وإجماع سلف الأمة.
ولم يقل هذا القول أحدٌ من سلف الأمة وأئمتها، وأول من قال هذا القول في الإسلام الجهم بن صفوان الذي أجمع الأمة على ضلالته، فهو أول من أنكر الأسباب والطبائع، كما أنه أول من ظهر عنه القول بنفي الصفات وخلق كلام الله وإنكار رؤيته وغير ذلك، ونصوص الكتاب والسنة وكلام السلف في إبطال هذا الأصل كثيرة جدا، مثل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الصحيح (?) لأشجِّ عبد القيس: "إن فيك لخُلُقينِ يحبُّهما الله: الحلم والأناة"، فقال: أخُلُقَينِ جُبلتُ عليهما أمِ تخلَّقتُ بهما؟ فقال: "بل جُبلتَ عليهما"، فقال: الحمدَ لله الذي جَبَلني على ما يُحِبُّ. وقال تعالىَ: (إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21)) (?).
ومما يدلُّ على ذلك قوله تعالى في قصة إبراهيم: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)) (?)، فسَلَبَ النارَ طبيعةَ الحرارة التي بها تَسخُن، وجعلَها بردًا وسلامًا، ولو كان ما يَحصُل عند ملاقاتِها لا أثرَ لها فيه لم يحتج إلى ذلك، بل كان يكفي أن لا يخلق الأثر عند الملاقاة. بل قوله "بردًا وسلامًا" يَقضِي أنه جعل فيها ما تُوجِب برودتَه