كما قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) (?)، فهو سبحانه حيّ لا يموتُ، قيومٌ لا ينامُ. وكذلك قوله تعالي: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)) (?)، فنزَّه نفسَه المقدسة عن مسَّ اللغوب -وهو الإعياء والتعب- ليتبيَّن كمال قدرته.
فهو سبحانه موصوفٌ بصفات الكمال منزَّهٌ عن كل نقصٍ وعيبٍ، موصوف بالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام، منزَّهٌ عن الموت والجهل والعجز والصَّمَم والعمى والبكَم، وهو سبحانَه لا مِثلَ له في شيء من صفاتِ الكمال، وهو منزَّهٌ عن كلِّ نقصٍ وعيبٍ، فإنه قدُّوس سَلامٌ يمتنع عليه النقائصُ والعيوب بوجهٍ من الوجوه، وهو سبحانه لا مثلَ له في شيء من صفاتِ كمالِه، بل هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحدٌ.
ولهذا كان مذهب سلفِ الأمة وأئمتها أنهم يصفون الله بما وصفَ به نفسه وبما وصفَ به رسولُه، من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ومن غيرِ تكييفٍ ولا تمثيل، فيُثبِتون له ما أثبتَه لنفسِه من الأسماء والصفات، ويُنزِّهونه عمَّا نزَّه عنه نفسَه من مماثلة المخلوقات، إثباتٌ بلا تمثيل، وتنزيهٌ بلا تعطيل. قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)) (?)، فقوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) رد على الممثِّلة، وقوله: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)) رد على المعطِّلة.
قال بعض العلماء: المعطِّلُ يَعبُد عَدَمًا، والممثل يعبد صنمًا،