فعامة الألفاظ الصريحة تكون كنايةً في معنًى آخر، مع كون المحل قابلاً لمعنى الصريح. فعُلِم أن هذه الدعوى باطلة، وإنما ذكرت في الظهار ليفرّق بها، وليس هو فرقًا صحيحًا.

الوجه الرابع: أنه لو سُلِّم أن الأمر كذلك، فلا ريب أن لفظ الظهار كان في عرفهم يراد به الطلاق، أو يحتمل أن يراد به الطلاق، فكان صريحًا في الطلاق أو كنايةً فيه، والأرجح أنه كان صريحًا فيه، فإنه إذا كان ظاهرًا أوقعوا به الطلاق، ولم يسألوه عن نيته، فإنّ مقتضاه تحريم الوطء على التأبيد، والزوجة لا تكون كذلك، وسواء كان صريحًا أو كناية فالشارع أبطلَ إيقاعَ الطلاق به. وإن قصدوه دون غيره من ألفاظ الصرائح والكنايات، فلابّد من فرقٍ بينه وبين غيره لأجلِه فرق الشارع بينهما، وإلاّ فلِمَ أَبطل وقوع الطلاق بهذا اللفظ دون غيره من الألفاظ المحتملة؟ ولِمَ جَعل له حكمًا آخر غيرَ وقوع الطلاق؟ فذلك المعنى إن كان مختصًّا بهذا اللفظ، وإلاّ قِيْسَ به ما كان في معناه، ومعلومٌ أن قوله "أنتِ عليَّ حرام" في معنى "أنتِ عليَّ كظهر أمّي"، فيجب أن يقاس به.

فإن قال هؤلاء: نحن نقيسُ به لفظ التحريم، لأنه في معناه.

قيل: وإن كان هذا في معناه، فالشارع إنما علل بكونه منكرًا من القول وزورًا، فيجب أن لا يقع الطلاق بقولٍ منكر ولا بقولٍ زور، وإن كان صاحبه قصد الطلاق. وهذا يقتضي أن لا يقع الطلاق بلفظ محرم. والمطلّق في الحيض مطلِّقٌ بلفظ محرم، وهو منكر من القول، فيجب أن لا يقع به الطلاق، وكذلك المطلِّق ثلاثًا بكلمة أو كلماتٍ بدون رجعةٍ أو عقدٍ قد أتَى بمنكرٍ من القول، فيجب أن لا يقع به، وكلاهما أتى بزورٍ، فإن الزور الكذب، وكلاهما اعتقد أنه يملك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015