ما أوقعه، وذلك زور وكذب، فلم يُملِّكْه الله إلاّ الطلاق المباح، وأما الحرام فلم يُملّكه إياه.
وفي الآية سؤال، وهو أن الله قال: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ) (?)، كما قال في الآية الأخرى: (وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ) (?). والمتظاهر ما قال: إنّ زوجته أمُّه، لكنه شبَّهها بها، وهو لم يقل: "ما هن مثل أمهاتهم"، بل قال: "ما هن أمهاتهم".
فيقال: المتظاهر مقصودُه تحريم الوطء، وقوله "أنتِ عليَّ كظهر أمّي" معناه: وطؤك مثل وطء أمي، فمقصوده تشبيه الوطء بالوطء، وأن يكون وطؤها مثل وطء أمه، وذلك يقتضي أن تكون حرامًا، ووطؤها لا يكون مثل وطء أمّه إلاّ إذا كانت من جنس أمّه، وإلاّ فإذا تباينت الحقائق تباينت أحكامها، فكان موجب قولهم أن تكون الأزواج من جنس الأمهات، كما تكون أمُّ الأب والأمِّ من جنس الأمّ في التحريم والمحرَّمِيَّة، فبيَّن الله تعالى أن هذَا الجنس ما هو هذا الجنس، بل جنس آخر، فقال: (مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ)، وقال (وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ)، كما قال (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ) (?). وهم لم يكونوا يقولون: هو مولود منه، بل جعلوه من جنس المولود، فجعلوا حكمه حكم المولود منه الذي هو الابن، فقال تعالى: هذا ما هو من جنس الابن، فلا يكون حاله حالَه.