وكذلك لفظ الحرية الذي يقولون: إنه صريح في العتق، من نوى به أنه عفيف غير فاجر، لم يقع به العتق، بل يقبل منه، لاسيما عند القرينة، كما لو قيل له: ما حالُ مملوكك هذا؟ وكيف دينُه وخُلقُه؟
فقال: هو حُرٌّ. فهذه القرينة تبين أنه أراد أنه عفيف، لم يُرِد إعتاقَه، فلا يعتق، وإن قيل: هو صريح وقد وجد نفاذًا.
وكذلك لفظ النكاح والتزويج، هما صريح في العقد، ثم إذا قال: أنكحت أو زوجتك فلانةً، ومع هذا فهو محتمل للخبر عن عقدٍ ماضٍ. وكذلك سائر صيغ العقود، إذا نوى ذلك كان محتملاً، وإن كانت القرينة تدلُّ على ذلك قُبِل منه.
وأيضًا فلو قيل: زوجْتك بهذه، فهو محتمل قَرَنْتك بها، كما في قوله: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً) (?). وهذا يراد باللفظ مع ما يدل على ذلك، كما لو جمع بين الصغار بين كل صغير وصغيرة في موضع قيل: زَوَّجْ هذه بهذا وهذه بهذا، أي اقرِنْها به.
وقد يقال: أنكحتك فلانة، بمعنى مكَنتك من سَبْيها وأخذها، كما قال الشاعر:
ومن أيّمٍ قد أنكحتها رماحنا ... وأخرى على عم وخال (?)
وكذلك لفظ الوقف، يراد به تحبيس الأصل، وقد يقال: وقفتُ هذا، أي وقفتُه في السوق لأبيعه. وكذلك ألفاظ الإيلاء، إذا قال: والله لا وَطِئت، فقد يراد: لا وَطِئتُك برجلي، ولو أراد ذلك لم يكن مُوليًا في الباطن، وفي قبوله في الحكم نزاع.