يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) (?)، وكلاهما مُضَمَّن معنى الامتناع، فإن المُولي يمتنع باليمين من امرأته، وكذا المظاهر يمتنع بالظهار من امرأته، وكلاهما مقصوده الامتناع والبعد والنفور منها والهربُ منها والتخلُّص منها والفرار منها، فمِنْ هي لابتداء الغاية، ولكن الفعل هنا قد ترك.

وإذا قلت: سرتُ من مكة إلى المدينة فالمجرور بمن مبدأ الفعل، كذلك إذا قلت: غَضبتُ من هذا، أو خِفتُ من هذا، أو حَذِرْتُ من هذا، أو فَزِعتُ من هذا ونحو ذلك، كان المجرور هو مبدأ الغاية للفعل المذكور، والمُوْلي والمُظَاهِر هو تاركٌ للمرأة، والمُوْلي ممتنع من وطئها، وإنما يكون بسبب منها، وإن كانت قد تكون مظلومة لكونه يُبغِضُها ويغضب منها وينفر عنها، وإن كانت مظلومة، فبكل حالٍ هو ممتنع منها أي من وطئها، وهو نافر منها. لكنه في الإيلاء هو ممتنع باليمين، وفي الظهار ممتنع بتحريمها لما شبهها بأمه التي تحرم عليه. ولهذا كانوا يَعدُّون هذا وهذا في الجاهلية طلاقًا، إذ لم يكن في شرعهم كفارة يمين ولا كفارة ظهار، فمتى حرَّمها فلا تحرم إلاّ بالطلاق، ومتى ألزمته اليمين تركَ وَطْأهَا، فالزوجة لا تكون ممنوعًا من وطئها، فإذا زال لازمُ النكاح زال.

والله سبحانه في البقرة ذكر الأيمان ثم الطلاق، كما أنه في سورتَي التحريم والطلاق ذكر الأيمان ثم الطلاق، وفرق بين الأيمان والطلاق هاهنا وهاهنا، وهو مما يُبين الفرق بين الأيمان والطلاق، كما قد بُسِط في غير هذا الموضع (?)، ويُبين أن الحلف بالطلاق من باب الأيمان لا من باب الطلاق، كما أن الحلف بالنذر من باب الأيمان لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015