من باب النذر، وكذلك الحلف بالكفر من باب الأيمان لا من باب الكفر، وطَرْدُه الحلف بالعتاق والظهار والحرام.
وهو سبحانه في سورة المائدة ذكر كفارة الأيمان، وفي سورة التحريم أحال عليها فقال: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) (?). وأما البقرة فنزلت قبل المائدة، فذكر فيها النهي أن يجعلوا الله عُرضةً لأيمانهم (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) (?)، فتضمنت النهي عن أن يجعل الحلف بالله مانعًا من فعل الخير، لكن هذا يقتضي في أول الأمر النهيَ عن الحلف على ذلك حين لم تُشرَع الكفارة، فلما شُرِعتِ الكفارةُ صار النهيُ عن جَعْلِ هذه اليمين مانعةً من فعل ما يحبه الله، فإنه إما أن لا يحلف بها فيجعلها مانعةً، وإما أنه إذا حَلَفَ لا يَجعلُ الحلفَ بها مانعًا، فإن الكفارة مشروعة عن اليمين.
ولهذا تنوعت عبارات المفسرين للآية، قال أبو الفرج (?): وفي معنى الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناها لا تحلفوا بالله أن لا تبرّو ولا تتقوا ولا تصلحوا بين الناس. هذا قول ابن عباس ومجاهد وعطاء وابن جبير وإبراهيم والضحاك وقتادة والسدّي ومقاتل والفراء وابن قتيبة والزجاج في آخرين.
والثاني: أن معناها لا تحلفوا بالله كاذبين لتتقوا المخلوقين وتبرُّوهم وتُصلحوا بينهم بالكذب. روى هذا المعنى عطية عن ابن عباس.