يرتجعها ولا يطأها أربعةً لكان قد جعل له تربّص سنةٍ، وذلك خلاف القرآن، وفيه إضرار عظيم بها، والله أعلم.
فصل
وهو سبحانه قال: (يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) (?). والإيلاء هو اليمين، وهو القَسَم، وهو الحَلْف، يقال آلَى وائْتَلَى، كقوله (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ) (?)، ويقال: تألَّى يتألَّى. وهو سبحانه عَدَّاه بحرف "من" فقال: (مِنْ نِسَائِهِمْ)، وكذلك الاستعمال، كقول عائشة رضي الله عنها: "آلَى من نِسائِه شهرًا" (?)، وهذا استعمال الناس كافّةً يقولونَ "آلَى من نسائه".
فحكى ابن الأنباري (?) عن بعض اللغويين أنه قال: "من" بمعنى في أو على، والتقدير: يَحلِفون على وطء نسائهم، فحذف الوطءَ وأقام النساءَ مقامَه، وقيل: تقديره يولون أي يعتزلون من نسائهم.
وكلاهما ضعيف، لأن حروف المعاني لا يقوم بعضُها مقامَ بعضٍ عند البصريين، لأنه لو صرَّح فقال: يحلفون على وطءِ نسائهم، لم يدلَّ على أنه حلفَ لا يطأ، بل هذا يُفهَم منه أنه حلفَ على الفعل، والحذفُ إن لم يكن في الكلام ما يدل عليه كان غيرَ جائز.
وأيضًا فإنه يقال: اعتزل امرأتَه، لا يقال: اعتزلَ منها. لكن قوله (يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) كقوله (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ) (?) و (وَالَّذِينَ