في نفسه، وهو منكر لكونه جعل امرأته بمنزلة أمّه. والأقوال التي بها يقع الطلاق لابدّ أن يتضمن إزالة الملك، ولهذا جعل أحمد التحريمَ صريحًا في الظهار، لأنه أيضًا بمنزلته في كونه منكرًا وزورًا. لكن يَرِدُ على هذا أنه إذا قصدَ التشبيهَ ونَوى أنكِ إذا وقعَ بكِ الطلاقُ صرتِ مثلَ أُمِّي، فإن هذا الوصف لازم لو زال الملك. وليس من شرط التشبيه التساوي من كلّ وجه، فقوله "أنتِ مثلُ أمّي" أي طلقتكِ فصرتِ مثلَ أمّي، كقوله "أنتِ خلية وبريَّه وبائن"، فإن المعنى: طلَّقتك فصِرتِ كذلك. وقوله "أنتِ طالق" معناه طلقتكِ فصرتِ طالقًا، فإذا قال "مثل أمّي" أي جعلتك مثلَ أمّي في كونكِ لا تبقي (?) زوجةً.

وهذا هو الذي كانوا يقصدونه، وإلاّ فهم يعلمون أن المرأة لا تصير مثلَ أمّه محرَّمةً على التأبيد، فإذا كان ما قصدوه مما يمكن أن يُقصَد بهذا اللفظ وأمثالِه ولم يعتبره الشارع عُلِمَ أنه أبطلَ ذلك لكون القول في نفسه منكرًا وزُورًا، فيشاركه في ذلك ما كان كذلك، فقول القائل "أنتِ طالقٌ ثلاثًا" منكر من القول، لأن الله حرَّمَه، وكل واحدٍ من كون القول منكرًا يوجب إبطاله. وقوله تعالى (وَزُوراً (4))، الزور: هو نوع من المنكر، فإن كل زور منكر، فيمكن أن يكون هذا وجه كونه منكرًا.

وإن قيل: هو جزء علة.

قيل: كل ما كان منكرًا فإن الله ينهى عنه، سواء كان زورًا أو لم يكن.

وكذلك إن قيل: هو علة ثانية، وحينئذٍ فالقول المحرم لا يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015