ولا يسوغ أن يعلل الشرع بما يقوله من يقول من الفقهاء: لفظ الظهار صريحٌ في حكمه، وقد وجد نفاذًا فيه، فلا يكون كنايَةً في غيره.
فإنه يقال له: السؤال هو عن علة هذا الحكم: لِمَ جعلَ هذا القول صريحًا في غير الطلاق بحيث لا يقع به الطلاق وإن نواه، فإن هذا يقتضي أن الأقوال عند الشارع نوعان: نوع إذا نوى به الطلاق وقعَ؛ ونوع إذا نوى به الطلاق لم يقع، فلابدّ لأحد القولين من أن يختصّ بمعنى يوجب اختصاصه بذلك الحكم، فما هو الفارق عند الشارع بين هذا القول وهذا القول حتى جعل الطلاق يقع بهذا ولم يجعله يقع بهذا، بل عدل به عن الطلاق الذي كانوا يوقعونه، إلى أن أوجب فيه الكفارة. وهذا أمرٌ ثابت في نفس الأمر لابدَّ منه.
فلقائلٍ أن يقول: العلَّة في ذلك أن هذا القول منكر من القول وزُور، فلا يقع الطلاق بمنكر من القول وزور، فيكون هذا حجة لمن قال: إن الطلاق المنهيَّ عنه لا يقع، لأنه أيضًا محرَّم كما أن هذا محرَّم؛ فإن كون الكلام منكرًا من القول وزورًا يُوجب النهيَ عنه وتحريمَه. ويشاركه في ذلك كل كلام محرَّم، فإنَّ جميعها أقوال محرَّمة ينهى الله عنها ورسولُه. فإن كان المتكلم بالكلام الحرام إذا نوى به الطلاق وَقَع، فما الفرق بين هذا الكلام المحرم وغيره؟.
وقد شدَّ بعض متأخري الفقهاء فزعَم أن الظهار ليسَ بمحرَّم.
لكن هذا خلاف النصّ والإجماع القديم، فإنه قد حَكَى الإجماعَ على تحريم ذلك غيرُ واحدٍ من العلماء، ولم يُعلَم نزاعٌ قديم يقدم في ذلك كما عُلِمَ في غيرِه. والذي نقطع به أنّا لا نعلم فيه خلافا قديمًا.
وقد يقال: بل هذا القول لا يتضمن إزالة الملك، بل هو كذب