وابنُ حزم وغيرُه يُضعِّفون حديث البتّة كما ضعَّفه أحمد رحمه الله.
وابن إسحاق إمام حافظ، لكن يُخاف أن يُدَلِّس ويخلط الأحاديث بعضَها ببعض، فإذا قال "حدثني" زالت الشبهة. وقد ذُكِر أن داود بن الحصين حدَّثه وعمل بما حدثه به.
ولا يَسْترِيبُ أهلُ العلم بالحديث أن هذا الإسناد أرجحُ من إسناد البتة، هذا لو انفرد، وأما مع موافقته لحديث أبي الصهباء الذي في صحيح مسلم فإن ذلك ممّا يُؤكِّد الاحتجاج بذلك الحديث، ويردُّ على من عَلَّلَه بما لا يَقدح في صحته، كقولِ من قال: إن ابن عباس رُوِي عنه بخلافِه، فصارَ حديثُ عكرمة يُروَى عن ابن عباس من وجهين، وجهالة الراوي في أحدهما كجهالة أولاد ركانة، فإنهم لا يُعرَفون بعلمٍ ولا حفظٍ. والإسناد الآخر رجالُه من مشاهير أهل العلم والفقه والصدق. وحديث طاوس عن ابن عباس الذي لا ريب في صحته موافق، فصارت الأحاديث بأن الثلاث كانت واحدةً يُصدِّق بعضُها بعضًا، ولم يَروِ أحدٌ من أهلِ العلم حديثًا ثابتًا بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألزَمَ بثلاثٍ مُفَرَّقة.
وقد جاءَ حديث ثالثٌ في. الثلاث مجتمعةً، رواه النسائي (?) فقال: أخبرنا سليمان بن داود، أبنا ابن وهب، أخبرني مخرمة عن أبيه قال: سمعتُ محمودَ بن لبيد قال: أُخبِر رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن رجلٍ طلَّق امرأتَه ثلاثَ تطليقات جميعًا، فقام غضبان، ثم قال: "أيُلعَب بكتاب الله وأنا بين أظهرِكم"؟! حتى قام رجلٌ فقال: يا رسولَ الله!
أفلا أقَتلُه؟.